الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة
.جعل المانع من مقاتلة أمراء الجور الصلاة: وفي هذا الحديث أيضا، جعل الصلاة هي المانعة من القتل، ومفهوم هذا، أن عدم الصلاة يوجب القتل. رأي بعض العلماء الأحاديث المتقدمة ظاهرها يقتضي كفر تارك الصلاة وإباحة دمه، ولكن كثيرا من علماء السلف والخلف، منهم أبو حنيفة، مالك، والشافعي، على أنه لا يكفر، بل يفسق ويستتاب، فإن لم يتب قتل حد أعند مالك والشافعي وغيرهما. وقال أبو حنيفة: لا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي، وحملوا أحاديث التكفير على الجاحد أو المستحل للترك، وعارضوها ببعض النصوص العامة كقول الله تعالى: «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء». وكحديث أبي هريرة عند أحمد ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لكل نبي دعوة مستجابة.فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لامتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات لا يشرك بالله شيئا» وعنه، عند البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله، خالصا من قلبه». .مناظرة في تارك الصلاة: قال الشافعي: يا أحمد أتقول: إنه يكفر؟ قال: نعم. قال: إذا كان كافرا فبم يسلم؟ قال: يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. قال الشافعي: فالرجل مستديم لهذا القول لم يتركه. قال: يسلم بأن يصلي. قال: صلاة الكافر لا تصح، ولا يحكم له بالإسلام بها. فسكت الإمام أحمد، رحمهما الله تعالى. تحقيق الشوكاني: قال الشوكاني: والحق أنه كافر يقتل. أما كفره، فلان الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الاسم، وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة، فتركها مقتض لجواز الاطلاق، ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها المعارضون، لانا نقول: لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة، ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفرا، فلا ملجئ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها. على من تجب؟ تجب الصلاة على المسلم العاقل البالغ، لحديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، وحسنه الترمذي. .صلاة الصبي: فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أحمد وأبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. .عدد الفرائض: وعن طلحة بن عبيدالله أن اعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الشعر فقال: يا رسول الله أخبرني ما فرض الله علي من الصلوات؟ فقال: «الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا» فقال: أخبرني ماذا فرض الله علي من الصيام؟ فقال: «شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا» فقال: أخبرني ماذا فرض الله علي من الزكاة؟ قال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام كلها فقال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق» رواه البخاري ومسلم. .مواقيت الصلاة: وقد أشار القرآن إلى هذه الاوقات فقال تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}. وفي سورة الاسراء: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}. وفي سورة طه: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى} يعني بالتسبيح قبل طلوع الشمس: صلاة الصبح، وبالتسبيح قبل غروبها: صلاة العصر، لما جاء في الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ هذه الآية». هذا هو ما أشار إليه القرآن من الاوقات: وأما السنة فقد حددتها وبينت معالمها فيما يلي: 1- عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، وقت العشاء إلى نصف الليل الاوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر وما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان»، رواه مسلم. 2- وعن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال له: «قم فصله، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب فقال: قم فصله، فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر حين برق الفجر، أو قال: سطع الفجر ثم جاءه من الغد للظهر فقال: قم فصله، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال: ثلث الليل فصلى العشاء ثم جاءه حين أسفر جدا فقال: قم فصله، فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت» رواه أحمد والنسائي والترمذي. وقال البخاري: هو أصح شيء في المواقيت، يعني إمامة جبريل. .وقت الظهر: دليل هذا: 1- ما رواه أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة» رواه البخاري. 2- وعن أبي ذر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال: أبرد، ثم أراد أن يؤذن فقال: أبرد، مرتين أو ثلاثا، حتى رأينا في التلول ثم قال: «إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة»، رواه البخاري ومسلم. .غاية الابراد: والجاري على القواعد، أنه يختلف باختلاف الاحوال ولكن بشرط أن لا يمتد إلى آخر الوقت. .وقت صلاة العصر: فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» رواه الجماعة، ورواه البيهقي بلفظ: «من صلى من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس ثم صلى ما تبقى بعد غروب الشمس لم يفته العصر». وقت الاختيار ووقت الكراهة وينتهي وقت الفضيلة والاختيار باصفرار الشمس، وعلى هذا يحمل حديث جابر وحديث عبد الله بن عمر والمتقدمين. وأما تأخير الصلاة إلى ما بعد الاصفرار فهو وإن كان جائزا إلا أنه مكروه إذا كان لغير عذر. فعن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا. لا يذكر الله إلا قليلا» رواه الجماعة، إلا البخاري، وابن ماجه. قال النووي في شرح مسلم: قال أصحابنا للعصر خمسة أوقات: 1- وقت فضيلة. 2- واختيار. 3- وجواز بلا كراهة. 4- وجواز مع كراهة. ووقت عذر، فأما وقت الفضيلة فأول وقتها. ووقت الاختيار، يمتد إلى أن يصير ظل الشئ مثليه، ووقت الجواز إلى الاصفرار، ووقت الجواز مع الكراهة حال الاصفرار إلى الغروب، ووقت العذر، وهو وقت الظهر في حق من يجمع بين العصر والظهر، لسفر أو مطر، ويكون العصر في هذه الاوقات الخمسة أداء، فإذا فاتت كلها بغروب الشمس صارت قضاء. .تأكيد تعجيلها في يوم الغيم: قال ابن القيم: الترك نوعان: ترك كلي لا يصليها أبدا، فهذا يحبط العمل جميعه، وترك معين، في يوم معين، فهذا يحبط عمل اليوم. صلاة العصر هي صلاة الوسطى قال الله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}. وقد جاءت الأحاديث الصحيحة مصرحة بأن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى. 1- فعن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الاحزاب: «ملا الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» رواه البخاري ومسلم. ولمسلم وأحمد وأبي داود: «شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر». 2- وعن ابن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس واصفرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملا الله أجوافهم وقبورهم نارا»، «أو حشا أجوافهم وقبورهم نارا» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه. .وقت صلاة المغرب: وروي أيضا عن أبي موسى: أن سائلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة، فذكر الحديث، وفيه فأمره فأقام المغرب حين وجبت الشمس، فلما كان اليوم الثاني. قال: ثم أخر حتى كان عند سقوط الشفق ثم قال: الوقت ما بين هذين. قال النووي في شرح مسلم: «وذهبت المحققون من أصحابنا إلى رجيح القول بجواز تأخيرها ما لم يغب الشفق، وأنه يجوز ابتداؤها في كل وقت من ذلك، ولا يأثم بتأخيرها عن أول الوقت». وهذا هو الصحيح أو الصواب الذي لا يجوز غيره. وأما ما تقدم في حديث إمامة جبريل: أنه صلى المغرب في اليومين في وقت واحد حين غربت الشمس، فهو يدل على استحباب التعجيل بصلاة المغرب، وقد جاءت الأحاديث مصرحة بذلك. 1- فعن السائب بن يزيد أن: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجوم» رواه أحمد والطبراني. 2- وفي المسند أن ابن أبي أيوب الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا المغرب لفطر الصائم وبادروا طلوع النجوم». 3- وفي صحيح مسلم عن رافع بن خديج: «كنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وانه ليبصر مواقع نبله». 4- وفيه عن سلمة بن الاكوع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب.
|